وكالة مهر للأنباء، حسام خلف: منذ قرن ونيف يهجس المسلمون والعرب بالنهضة بعد انكشاف الهزال الحضاري المادي والفكري مقابل العالم الآخر وبالأخص (الغربي) المتقدم في شتى المجالات باءت كل محاولات التحديث بالفشل يسارها ويمينها رغم أن البعض (النفطي) اشترى أشكال التحضر دون أن يحقق شروطه أو ينمي روحه فتحول إلى شكل دون مضمون (حضارةٌ خضراء الدمن) .
أفشل تلك التجارب هي التجارب الإسلامية حيث أنها قدمت إما إسلاما شديد الانغلاق متطرف ( إرهابي )، أو إسلاما شديد الانبطاح متفلت وعميل وكلا الإسلامين لايحققان شرط العصر الحضاري الذي يتطلب ثباتا على الهوية وانفتاحا على الآخر ومرونة في مايقبل التحول وصلابة في ما لايقبل الانتقال .
استطاعت إيران بحركة سياسية إسلامية خمينية سبقها الكثير من التمهيد الفكري على أيدي رجال افتتحوا ممرات في عقل المسلم الإيراني إلى علوم العصر وسمحوا لرياح الفلسفة والفكر أن تلقح العقل المسلم ، كمجهودات العلامة الطباطبائي صاحب تفسير الميزان ، والشهيد المطهري ، والسيد محمد باقر الصدر في العراق الجار، والمثقف علي شريعتي ، وغيرهم مما هيأ الشعب الإيراني وخصوص الشباب لمرحلة النهضة وزرع فيهم شوقا للتحرر من التبعية للغرب والصهيونية .
في الوقت الذي تراجع فيه معظم العرب عن الدفاع عن القضية الفلسطينية كان المفكرون الإيرانيون ومنهم مطهري يلهمون الجماهير روح الثورة لتحرير المقدسات الإسلامية وكسر ناب العدوان الصهيوني على شعب فلسطين، مما هيأ الأجواء لثورة الإمام الخميني، قد، ليشعل انتفاضة الشارع ليس في وجه الشاه فقط بل في وجه العمالة والانبطاح وفي وجه التصور المغفل عن الإسلام الذي جعله مقتصرا على أشكال ساذجة من التدين الصوفي المنعزل والمنسحب من الحياة .
استطاع الإمام الخميني أن يقدم إسلاما متصالحا مع العقل والحياة والعصر، إسلاما ديمقراطيا رحمانيا وأخلاقيا ورغم ذلك متمسكا أشد التمسك بمبادئه الأصيلة والذي بدوره جعل الحياة تدب في مفاصل المجتمع تعليما وبحثا وإنتاجا للمعرفة وإعدادا للقوة وتحديا للهيمنة وصولا إلى إيران اليوم أنشط الفاعلين في ساحة الشرق الأوسط ، وأكثر الأطراف مشاغبة ومشاكسة على الساحة الدولية في مقابل الغطرسة الأمريكية .
لقد استطاعت إيران أن تفتتح عصر النهضة الذي عجزت عنه الدول العربية فناصرت وهي الناهضة حديثا قضايا العرب المركزية (لو كانوا يعقلون ) ولنقلها بصراحة: لولا إيران لما بقي لفلسطين باقية ولكان العرب يفاوضون الصهاينة على القاهرة ومكة وبقية المدن العربية. وعلى العرب أن يعترفوا بذلك ويكفوا عن محاولة العرقلة لهذا البلد ( الصديق) والعزيز فكل المؤشرات تدل أنها ذاهبة ومن معها في المحور باتجاه النصر أكثر فأكثر .
وفي النهاية يحب المشاغب أن يقول لحكام العرب: ( لا فرق في العمالة سواء أكانت لإيران أم لأميركا فانقلوا أوراق اعتمادكم إلى العم ظريف قبل فوات الأوان فالمستقبل لإيران وترامب على ذلك شهيد)./انتهى/
تعليقك